الغباء صفة التطرف الديني


ما هو مدلول الغباء إجتماعياً؟ إنّه نقيض الفهم الكامل للنفع العام والخاص. فيكون مجافات هذا النفع غباء ضاراً بمن تكون هذه صفته. ولهذا عرّّف الأجانب صفة المنفعة بالبراغماتية التي تعني في ما تعنيه "التصرّف العملي".

والتطرف الديني في هذا المجال ملازم للغباء، لأنه يناقض مصالح الناس والبلاد. وحين يغتال بعض المتطرفين سيّاحاً أجانب، لا يجنون من وراء ذلك سوى الإساءة، لا إلى الذين يغتالونهم وحسب، إنّما يضرون بمصلحة البلد وأهلها، لأنّ هذا الفعل الشنيع يحرم هؤلاء الناس الطيبين من المردود الكبير المحصّل من السياحة.

ماذا استفاد هؤلاء المتطرفون من تفجير المقهى المنكوب في مدينة مراكش ذات الطابع العربي الإسلامي؟ لقد أساءوا إلى الناس جميعاً بقيمهم ونزعاتهم الإنسانية والحضارية وكل ما جاء به الإسلام. وهم، المتطرفون، يعلمون جيداً كم أسرة عربية مسلمة في هذه المدينة تعتاش من عائدات السياحة.

إذن، لم يكترث الأغبياء المجرمون بمصائر الأبرياء الذين قتلوهم، أو أصابوهم بالجروح الخطرة متناسين قول الله تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الأثم والعدوان". وهذا يؤكد أنّ الجناة لا علاقة لهم بالدين الذي يدعو إلى المحبة والرأفة والتسامح، غير مبالين بشيم رسول الله الداعية إلى مكارم الأخلاق، وهو الذي كان يكرّم الضيف ويحسن وفادة الغريب، ويصر على الحسنى مع جميع الناس، ولو كانوا من غير ملته.

من أين استقى هؤلاء المتطرفون أفكارهم الهجينة؟ من الخوارج الذين تزرعوا بحجج عقيمة ليتمردوا على الإمام علي كرّم الله وجهه إبّان حروبه مع معاوية ابن أبي سفيان، وكان ذلك السبب الأول في إنتصار مكائد معاوية على فروسية الإمام علي. وكان آخر حلقات التآمر على الإمام، يوم قتله غدراً، أحدهم ويدعى ابن ملجم.

فهل يعيد هؤلاء الخوارج، في هذا العصر، الصورة القبيحة المرسومة لهم في ذاكرة العرب من العصر السحيق؟

العالم اليوم، أيها الأغبياء، لم يعد غارقاً في ظلمة التقوقع والعزلة. فهو مجال رحب لجميع البشر. وما يصدر في الغرب من كتب يُقرأ في جميع البلاد، وخصوصاً بلاد العرب والمسلمين. وما ينتج في الغرب من مبتكرات علمية، يتداول في هذه البلاد جميعها، إلا إذا تعامينا عن منجزات الكمبيوتر والهواتف النقالة وأجهزة التلفزة وغيرها من الإختراعات التي ساهمت في جعل العالم قرية صغيرة...

إنّكم، أيها الأغبياء، تخدمون تخرصات دعاة الحروب بين البشر، مؤازرين صامويل هاتنتون حول "صراع الحضارات" وفوكوياما حول "موت التاريخ"... فهل إلى هذا الشأو تقصدون؟

0 التعليقات:

رسالة أحدث رسالة أقدم الصفحة الرئيسية