سرقات المشهورين الأدبية

لعل أهم سرقة في تاريخ الأدب العالمي هي ما اقترفته يدا الشاعر الإنكليزي الأشهر ويليام شكسبير قصة "روميو وجولييت". فهذه القصة كتبها قبل شكسبير بعشرات السنين، الكاتب الإيطالي ماتيو باندللو بعنوان "عاشقا فيرونا". فجاء ِشكسبير وحولها مسرحية بعنوان "روميو وجولييت". وذاع صيت هذا العمل الأدبي في جميع أرجاء العالم. في حين ظلم صاحبه الأصلي الكاتب الإيطالي من حقه في الشهرة التي اقتنصها منه الشاعر الإنكليزي.


أما السرقة الأدبية الضخمة الأخرى فهي "الكوميديا الإلهية" لمؤلفها الإيطالي دانتي اليغيري، وقد اعتمد فيها على الكتاب أبي علاء المعرّي "رسالة الغفران" الذي كان معروفا في الثقافة اللاتينية لعالمين اثنين: أولهما شيوع الثقافة العربية في الأندلس إبان الحكم العربي لإسبانيا وما بعده. والذين نقلوا فلسفة أرسطو اليوناني إلى اللاتينية بشروحات ابن رشد وسموها الأرسطوطالية الرشيدية, لم يكن من العسير عليهم نقل امهات الكتب العربية إلى اللاتينية, ومن بينها :كتاب "رسالة الغفران" للمعري.


يؤكد حكمنا هذا أن شكسبير احتفظ بمسرح قصته "روميو وجولييت" مدينة فيرونا الإيطالية, التي ذكرها باندلو مسرحا لقصته "عاشقا فيرونا", وفي السنوات التي كان فيها الكاتب الإيطالي على قيد الحياة، حيث الواقع الإيطالي بملابس رجاله ونسائه والعادات والقيم كما عرفها الكاتب الإيطالي نفسه.


أما بالنسبة الى مؤلف دانتي "الكوميديا الإلهية" فليس من باب المصادفة أن يذكر هذا الكاتب كل شخصياته ومؤلفاتهم لأدباء من إيطاليا، من العهد الروماني إلى ما بعده مثل فيرجيل وغيره. في حين أن المعري ذكر في كتابه "رسالة الغفران" أسماء شعراء جاهليين وإسلاميين وأعمالهم، من كعب بن زهير وسواه. فيكون الكاتب قد اعتمد في نصه على مؤلف أبي العلاء كليا، وإن صاغه بأسلوب آخر إطاره الفكر المسيحي حول الفردوس والجحيم والمطهر، فيما جعل أبو العلاء لحمة كتابه وسداه الفكر الإسلامي عن الدنيا والآخرة مثل الجنة والنار والطريق الموصول بينهما.


والمعلوم تاريخا أن الثقافة العربية عّمت جنوبي ايطالية في القرن الثاني عشر الميلادي، إبان حكم الأغالبة لها ومن الطبيعي أن تكون الثقافة العربية متداولة في تلك البلاد بشكل واسع. والكتب العربية المهمة كانت بدورها متداولة بين أوساط المفكرين، بل والمثقفين الإيطاليين في ذالك الزمن.


أما جوفاني بوكاتشو الإيطالي مؤلف "الديكاميرون" فقد اعتمد أسلوب وفحوى قصة "ألف ليلة وليلة" بحيث تتناسل القصص من بعضها على غرار ما ذهب إليه المؤلف العربي المجهول. هذا بالطبع ليس عائدا إلى المصادفة وحدها، إنما يعود إلى إطلاع المفكرين والمثقفين الإيطاليين على النص الفريد في تلك المرحلة المضيئة من التاريخ العربي في جنوب إيطاليا.

0 التعليقات:

رسالة أحدث الصفحة الرئيسية